إضغط هنا لتنتقل 

مقالات

نورة بنت خلف البجادي الأشيقرية.. مالكة الكتب وواهبتها

لا شك في أهمية رصد المعلومات التاريخية بأنواعها المختلفة، وضم بعضها إلى بعض، ووضع ما يمكن الحصول عليه من الشواهد لتوثيقها، لتكون متيسرة للقراء والباحثين للاستفادة منها، ولتسد ثغرة في التاريخ ولو يسيرة.
ومن الجوانب التاريخية التي تعاني من شح ونقص في المعلومات ما يتعلق ببدايات التعليم النسائي في نجد، فقد سبق لي تجربة في ذلك، إذ أعددت بحثاً منذ خمس سنوات عنوانه (التعليم النسائي في أشيقر قديماً)، وقد فاتني معلومات وتراجم تتعلق بذلك آمل أن أستكملها، ومما يطيب لي أن أضعهنموذجاً مشرّفاً لإحداهن، ترجمة نورة بنت إبراهيم بن خلف البجادي، فإليك أخي القارئ ما تيسر من المعلومات عنها:
هي نورة بنت إبراهيم بن خلفبن ناصر بن عثمان بن محمد بن أحمد بن بجاد(1)وآل بجادي من الرواجح ثم من آل زاخر من الوهبة من بني حنظلة من تميم، ولدت في أشيقر بعد منتصف القرن الثالث عشر الهجري بعقدين تقريباً.
أسرتها: والدها لم أقف على معلومات عنه سوى أنه كان على قيد الحياة سنة 1283هـ، أما والدتها فاسمها سارة بنت أمير أشيقر عثمان(2) بن حمد الحصينيالوهبي التميمي توفيت سنة 1307هـ، رحمها الله.
وللمترجم لها ثلاثة أخوان هم: خلف ومحمد انقطع عقبهما، والثالث عبدالله له ذريّة الآن في أشيقر يعرفون بآل خلف، وهم تحديداً أولاد عبدالرحمن(ت 1432هـ) بن إبراهيم بن عبدالله بن إبراهيم بن خلف، فالمترجمة عمة والده.
وللمترجمة أختان هما: لطيفة وهيلة. فلطيفة جدة والدي بسّام لأمه، وبذلك تكون المترجم لها خالة لجدتي سارة بنت أحمد الخراشي أم والدي، رحمهم الله.
عاشت نورة حياتها في أشيقر، وتزوجها الشيخ الفقيه عبدالرحمن(3) بن محمد بن مانع الوهبي التميمي، الذي تولى قضاء القطيف وقت الموسم، ولا شك أنها انتقلت معه إلى خارج أشيقر، وبعد وفاته في سنة 1287هـ، رحمه الله، ورثت جزءاً من مكتبته، فتزوجها بعد ذلك المؤرخ الشهير الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (ت 1343هـ)، وقد وهبته الكتب التي ورثتها من زوجها الاول ابن مانع، وذلك بحسب وثيقة مؤرخة سنة 1305هـ، جاء فيها إثبات الهبة، وهذا نصها: (بسم الله الحمد لله: الموجب لتحريره هو أن نورة بنت إبراهيم بن خلف قد وهبت زوجها إبراهيم بن صالح بن عيسى، نصيبها من الكتب التي أرّث عبدالرحمن بن محمد بن مانع، رحمه الله، وهي أي الكتب معروفة مشهورة، فقبل الهبة إبراهيم المذكور، وهي حين الهبة إياه صحيحة العقل والبدن، شهد على ذلك سليمان بن عبدالله بن عيدان، وشهد به كاتبه عبدالعزيز بن عبدالله بن عامر، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم، حرر سنة 1305).
ليس لدينا ما يفيد عن تعلمها، ولكن كونها ترث كتباً وتحتفظ بها مدة طويلة قدرها ثمانية عشر عاماً، وهي الفترة بين وفاة زوجها الأول وتاريخ الهبة، وتهب هذه الكتب بعد ذلك لمن يستحقها ويقدرها، هذا يجعلنا نكاد نجزم بأنها متعلمة وتجيد القراءة والكتابة، فقد تكون تعلمت على يدجدهالإمها عثمان الحصيني أمير أشيقر، أو على يد زوجها الأول الشيخ الفقيه عبدالرحمن بن مانع، إذ ليس من المعتاد أن يُوَرَّث من لا يجيد القراءة والكتابة كتباً، إنما يورث أشياء أخرى تناسبه من التركة من أموال أو أثاث ونحوه، وليس من المستبعد بعد ذلك أن يكون لها دور في تعليم بعض نساء أشيقر القراءة والكتابة مثل سارة(4)ابنة زوجها ابن عيسى، وللمترجمة وصية مؤرخة في 15/11/1309هـ، جاء في ديباجتها: (هذا ما أوصت به الحرة المصونة نورة بنت إبراهيم بن خلف البجادي، في حال صحة من عقلها وبدنها وكمال تصرفها، أوصت بأنهاتشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبدالله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور..)،أوصت فيها بثلث مالها يشترى به أرضاً أو عقاراً تصرف غلته في أضحيتين؛ لها واحدة ولوالديها واحدة، وجعلت الوكيل عليها زوجها المؤرخ ابن عيسى ثم أخوها عبدالله.توفيت المترجم لها وليس لها عقب فيما أعلم إلا أن يكونوا توفوا صغاراً، وقد أرخ زوجها المؤرخ ابن عيسى وفاتها في 20/5/1325هـ، رحمهما الله تعالى، وجميع موتانا وموتى المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى