إضغط هنا لتنتقل 

مقالات

قرية أشيقر التراثية: الجمال ينبع من أسفل ومن أعلى

للكاتبة : هانا امسيروفيس


لالتزامات اليومية تمثل أولويات بالنسبة لنا، ولكن صوت نداء السفر يستمر في اختراق دواخلنا ولابد لنا من الاستجابة له.
على ضوء حقيقة أن الأمطار أمر غير شائع في الصحارى فإنني كنت أستمتع بكل لحظة من يوم مطير على غير العادة في الرياض. مجرد صوت ورائحة المطر أخذت خيالي إلى أماكن كثيرة خلابة تنتظرني أن أزورها الأمر الذي ألهمني بأن أدير جهاز الكمبيوتر (اللابتوب) الخاص بي لأبحث عن رحلتي التالية، وبينما كنت أقرأ حول التراث السعودي اكتشفت وجهة رائعة تقع خارج الرياض وهي قريبة بالقدر الكافي بالنسبة لرحلة ليوم واحد. تمت مناقشة هذا الاكتشاف مع أصدقائي الذين يشاركوني شغف المغامرة واستكشاف الأماكن الجديدة. شعور قوي بالامتنان غمر قلبي بالدفء
بسبب وجود هؤلاء الأشخاص في حياتي.
قرية أشيقر والتي تعني الأشقر الصغير تعتبر موقع معماري مهم في منطقة نجد. القرية تتكون من منازل طينية وهي تعتبر شاهد على الحياة في المملكة العربية السعودية قبل مئات السنين. إنها واحة مضيافة تحيط بها الأراضي الزراعية القديمة التي وجدت بفضل وجود نظام ري غير بسيط يستخدم لقرون من قبل السكان المحليين والمزارعين، وقد كان أمراً جميلاً ومحبباً بالنسبة لي أن يقترح
أصدقائي زيارة أشيقر في اليوم التالي.
وأنا مليء بالطاقة الإيجابية والإثارة وجدنا أنفسنا نحن الأربعة في سيارة صديقنا الجيب ونحن نقود تجاه أشيقر. انقضت الرحلة بسرعة ونحن نستمتع بالمواقع الصحراوية الجميلة ونتسامر في ما بيننا ونستمع إلى الألحان المتفردة للموسيقى العربية. عندما وصلنا إلى وجهتنا كانت تلك هي الساعة الذهبية. لقد كان الغروب آسراً، وحيث أنني لم أكن أريد أن أضيع الوقت فقد كان مسيري عبر الشوارع الضيقة سريعاً من أجل استيعاب أكبر قدر من ملامح القرية ومعالمها الجميلة. وأنا أتجول عبر الشوارع القديمة برزت فكرة في ذهني وذكرتني بشيء قرأته “الجمال يغمرك من أدنى ومن فوق و من الخلف وكل ذلك ببساطة ناتج عن التركيز والاهتمام. الصوت والضوء والظل والفن
والدفء.”
لقد كانت مجموعتنا محظوظة بأن يكون معها ذلك المرشد السياحي الخاص بها وهو شاب سعودي لديه علم ومعرفة، اخبرنا أن أسلافه كانو يعيشون في أشيقر، وقد وجد متعة وسعادة في الشرح وعرض الأشياء حولنا مع مشاركتنا الحقائق التاريخية المثيرة حول القرية. لقد تمكنا من رؤية جميع المواقع المهمة من خلال المرشد الذي كان يرتدي الثوب والشماغ وهما الزي السعودي التقليدي
وكان ذو شخصية ودودة ومحترمة.
بعد ذلك سرعان ما قادتنا سلالم حادة الارتفاع مرحبة بنا إلى برج مرتفع. الصعود إلى أعلى جعلني أحس بأنني أعيش في قصة جميلة وأصبحت مشدوهاً تماماً ومأخوذاً بالمشهد في الأعلى، وبينما كنا نستقبل نهاية اليوم اللطيفة الساحرة ونشاهد الشمس المتوهجة تغرب ببطء ، رفرف العلم السعودي بفخر فوقنا في الهواء. في تلك اللحظة اتضح لي أن الأحلام ليست بعيدة عنا بذلك القدر الذي نتخيله، فقط من المطلوب منا أن نستقبلها ونقترب منها بقلب مفتوح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى