إضغط هنا لتنتقل 

مقالات

لو حكى التاريخ لأوجعنا..

img_6909

** من أصدق الأمثال العامية التي وعاها طفلا: «اللي ماله جرد ماله جديد» أي من ليس عنده قديم فلا جديد لديه، ولعل مدركات الناشئِ حينها صارت اقتناعاتٍ يتمثلها حين يرى المكان ويدنو من الإنسان ويستعيد الزمان؛ فليس أجمل من معانقة الأرض ومساكنة الكبار واستلهام الأحداث؛ لا هروبًا من اليوم الصاخب ولا تجاهلاً للغد الغائب بل وفاءً لمن سقوا ورعوا فتكونت منهم ذاكرةُ الحياة المحايدة النائية عن تصارع الثنائيات وعبثية التحزبات.
**قبل سنوات زار مدينتين أثيرتين؛ فأبهجه اعتناء أهالي «أشيقر» بإحياءِ ما اندثر من أمسهم، واستحث أهالي «شقراء» كي يلتفتوا لأطلالهم، ثم قام -قبل أيام- بزيارة ثانيةٍ لهما فسعد حين رأى التنافس بين الجميلتين في تجديد ملامح الرسوم التي عفت أو كادت لولا الوعيُ المتجاوز الذي جعلهما سباقتين لتقديم أنموذج نادرٍ يستحق الاحتذاء والاحتفاء.
** رأى مع أصدقائه: عبدالله الصالح وعبدالعزيز العبداللطيف ومحمد الصبي ومحمد المجحدي ما ظنوه رمسًا يشمخ أمامهم عبر إعادة رسم سور شقراء القديم وبعث أهم منازل رموزها؛ فلم يعد بيت السبيعي المزار الوحيد، ولمحدودية الوقت فقد اكتفوا بزيارة بعضها، ومن أهمها بيت الشاعر الكبير عبدالله بن محمد الصبي المعروف ب»مبيلش» 1301-1371هـ بما فيه من مقتنيات ولوحاتٍ شعرية، وعندما انتقلوا إلى «أشيقر» راق لهم تضاعف اهتمام أهلها الريادي بالمتاحف الفردية كمتحف الشيخ حمد السالم ومتحف الأستاذ عبدالرحمن العُمر ومتحف وأعمال الفنان الفلكي الشاعر عبدالمحسن الموسى ممتنين لكرم الأعزاء الأساتذة: أبي سامي الشهيِّب وسعد ومهنا المهنا وحمد وفهد السماعيل ومبارك الجوفان، ولقاء رمز أشيقر الحديثة الشاعر والباحث والإنسان الأستاذ إسماعيل بن إبراهيم السماعيل.
** حفظت المدينتان آثارهما فاحتفظتا بجاذبيتهما وجمالهما وإلفتهما، واستوحشت مدن أخرى لم ترعَ حق الأوائل بل روعتهم وفق قول الشاعر الكبير عبدالعزيز المسلم -رحمه الله-:
مغاني الصِّبا تهوي عليها المعاولُ
أضاق الفضا حتى يُراعَ الأوائلُ
وكذا وبذا ينضح الأسى غذ لا وجود لقصر برزان في حائل وقصر حسن المهنا في بريدة وسوق القصر بعنيزة وملحقاتها ومماثلاتها في مدن أخرى، ويتمنون لو صدر تشريعٌ على مستوى الوطن يمنع هدم القديم أو تشويهه ويحفز على ترميمه وتهيئته.
** يجيءُ الأجمل في تجربة المدينتين الغاليتين «شقراء وأشيقر» عدمَ انتظارهما دعمًا ماديًا رسميًا بل الاستناد على جهود الأهالي بتبني المشروع الإحيائيِّ لمنازلهم ومساجدهم ومجالسهم وأسواقهم ومزارعهم ودروبهم، وليت مسؤولي المدن التي أدارت ظهرها لتأريخها أو كادت تستلهم من «الوشميين» روح المبادأة وجمال الانتماء.
** قدم صاحبكم بثًا عبر صفحته «بالسناب» وتوثيقًا في قناته ب»تيليغرام» وصفحته في «فيسبوك» ووجد تعليقاتٍ موحيةً لعل أهمها: أين نحن من هؤلاء؟ ولماذا لا نعلم عنهم ولا نتعلم منهم؟
** الأمس غدٌ لم نفهمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى