إضغط هنا لتنتقل 

أخبار أشيقر

تحدث عن تجربته في ترميم أشيقر التراثية ومشواره التأليفي

للأستاذ سعود بن عبدالرحمن اليوسف تجربة طويلة وثرية في خدمة بلدته أشيقر ومنطقة الوشم بشكل عام (محافظة شقراء) فقد كتب العديد من الكتب عن منطقته، وبخاصة في مجال التراث والشعر الشعبي، وله تجربة تستحق أن توثق قام بها وأبناء بلدته أشيقر في الحفاظ على التراث العمراني القديم في بلدة أشيقر القديمة .

وهنا يسرنا في الوراق أن نسلط الضوء على هذه التجربة في حوار مع الأستاذ اليوسف، ندعكم مع الحوار:
* بداية سألنا الأستاذ سعود فقلنا: أشيقر من أكثر بلدان نجد آثاراً في المواقع، هل لك أن تحدثنا باختصار عنها وعن آثارها؟
– فكان رد اليوسف: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.. أشيقر بلدة قديمة وهي بلدة عامرة وأهلها أهل علم وتجارة وزراعة وتقع في الشمال الغربي من إقليم الوشم وتبعد عن شقراء المحافظة شمالاً بحوالي 13 كيلومتراً وعن العاصمة الرياض حوالي 190 كيلومتراً. وتربطها بالمناطق عدة طرق برية؛ فالرياض – ضرما – مرات – شقراء – أشيقر. وطريق الرياض صلبوخ – حريملاء – رغبة – القصب – أشيقر. وهناك طريق الرياض القصيم السريع – المجمعة – أشيقر وطريق الرياض القصيم السريع – أم حزم – المستوي – أشيقر.. وهي في الوقت الحاضر طريق الحج لغالبية دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة دولة الكويت الشقيقة.
ومن معالمها الأثرية:
1- المساجد الثلاثة القديمة وهي المسجد الجامع ومسجد الفيلقية والمسجد الشمالي مسجد الشيخ سليمان بن علي بن مشرف جد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحم الله الجميع.
2- المدارس والكتَّاب: كان في أشيقر عدد من المدارس والحلقات العلمية تجاوزت عشرين مدرسة منذ عام 840هـ: 1139هـ.. وفي القرن الرابع عشر الهجري كان يوجد عدد من الكتَّاب والمدارس ومنها كتّاب الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى وكتَّاب الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف الموسى وكتَّاب الشيخ محمد بن عبدالرحمن الموسى وكتَّاب الشيخ عبدالعزيز بن محمد الفنتوخ ومدرسة الشيخ موسى بن عبدالرحمن الموسى ومدرسة الشيخ عثمان بن عبدالرحمن أبا حسين، وفي عام 1369هـ تم افتتاح المدرسة الحكومية.
3- الآبار الجاهلية: هناك آبار قديمة تعرف بجفار بني تميم التي كانت موارد للماء قبل إنشاء بلدة أشيقر، كما يوجد عدداً من الآبار القديمة ونذكر على سبيل المثال بئر المديبغة وبئر العصامية وبئر المجيشعية وبئر الغطفاء وبئر الربيعية وغيرها كثير. وسوف نذكرها جملة وتفصيلاً في كتابنا (دائرة المعارف الأشيقرية) وهو بعنوان (العمران) وهذا الكتاب ما زال تحت الإعداد وفي اللمسات الأخيرة وأرجو أن يرى النور قريباً إن شاء الله.
* وحينما قلنا لسعود اليوسف: قمتم في أشيقر بأكثر من عمل في مجال الحفاظ على الموروث وتراث الآباء والأجداد، وكان عملكم محل عناية وثناء الجميع وعلى رأسهم سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار. ما هي أبرز أعمالكم في هذا المجال؟
– كان الجواب منه: كانت البلدة القديمة محببة لنا ففي بعض الأوقات كنت أنا وقلة من الشباب نزورها بين الحين والآخر ونجلس في طرقاتها وقد سقط جزء من جدرانها وتسكرت مداخلها ففكرت في إزالة هذه الأتربة وفي يوم من الأيام قمت أنا والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن عامر بإزالة المخلفات الترابية التي سقطت في هذه الطرقات وكان هذا العمل عندما كانت القرية شبه مهجورة تقريباً أي في حدود سنة 1417هـ. كما قمت بإنشاء دورات مياه للمساجد الثلاثة وهي مسجد الجامع ومسجد الفيلقية ومسجد الشمال إلا أنه تم إعادة ترميم مسجد الفيلقية ومسجد الشمال من قبل بعض الأهالي بما فيها دورات المياه. كما قمت بترميم المسجد الجامع وإنشاء دورات مياه ومصلى للنساء بالتبرع من أهل الخير. وقمت أيضاً ببناء دار للتراث بمساعدة أهل البلد الذين قدموا التبرعات اللازمة لإتمام الدار -جزاهم الله كل خير-.
وعن كتبه ومؤلفاته قال الأستاذ سعود اليوسف: نعم لقد تم إصدار كتاب أشيقر والشعر العامي عام 1416هـ وهو يتناول حقبة زمنية لشعراء أشيقر القدماء الذين عاشوا ما بين القرن العاشر والقرن الخامس عشر الهجريين. بعده تم إصدار كتاب من جزءين يضم شعراء من الوشم وذلك عام 1419هـ. وبعد هذه الإصدارات الشعرية اتجهت إلى الإصدارات الوثائقية حيث قمت بإصدار كتابي الوثائقي (من آثار علماء أشيقر) وكان ذلك عام 1423هـ. تلاه بعد ذلك كتابي (دائرة المعارف الأشيقرية) الجزء الأول تحت عنوان (من تاريخ التعليم في أشيقر) وكان إصداره عام 1427هـ وهناك كتب ننوي إصدارها في قابل الأيام إن شاء الله. ولست أول من كتب عن أشيقر فقد سبقني بالتأليف عن مدينة أشيقر الأستاذ حمد بن عبدالعزيز الضويان في كتابه المعنون (نبذة عن تاريخ بلدة أشيقر) والذي أصدره عام 1411هـ وهو بحق يعتبر أول من ألف من الشباب عن مدينة أشيقر وكان كتابه حافزاً ومشجعاً لي أنا ولغيري من المؤلفين والكُتَّاب.
* وحينما توجهنا لأبي عبدالرحمن سعود اليوسف قائلين: سيرتك الشخصية في العناية بآثار أشيقر وترميم البلدة القديمة تستحق الشكر والتقدير.. ما هو دافعكم لهذه الأعمال.. هل هو البحث عن المادة أم الشهرة.. وهل تتقاضى نقوداً على هذه الأعمال؟
– قال اليوسف: لم يكن عندي دافع مادي أبداً ولا أفكر في ذلك ولم أركض خلف الشهرة ولا تعنيني شيئاً إنما كان الدافع الأساسي والحقيقي هو برهنة انتمائي ووطنيتي وحبي لبلدي أشيقر والرجاء فيما عند الله من الأجر والثواب، والطمع في دعاء الناس لنا والذكر الطيب والمحبة والعرفان في قلوبهم بعد مماتنا. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كانت الدوافع هي الحفاظ على تراث الآباء والأجداد تخليداً لمآثرهم وبقاءً لذكراهم علاوة لمعايشتي لذلك الموروث وقضاء فترة الطفولة والشباب بين تلك المنازل الطينية والطرقات المتعرجة والبساتين الوارفة ذات التيجان الخضراء التي ما زالت تحكي حياةً وتاريخاً وما زلنا نسترجع هذه الذكريات الجميلة ونتطعم بحلاوتها.
وعن التنسيق بينكم معشر المعتنين بالبلدة القديمة والجهات الرسمية مثل هيئة السياحة… والمحافظة… والبلدية يقول اليوسف: كانت بداياتنا بشكل فردي قبل أن يكون هناك هيئة للسياحة والآثار، حيث إن الآثار كانت بالسابق تابعة لوزارة المعارف ثم بعد ذلك تم إنشاء هيئة للسياحة والآثار برئاسة صاحب السمو الملكي سلطان بن سلمان -حفظه الله-. حيث إن فكرة إنشاء دار للتراث كانت عام 1419هـ وبدأت المكاتبات ومخاطبة ملاك المنازل عام 1420هـ وما بعده. وبعدما تم الانتهاء من تشييد الدار كان لهيئة السياحة والآثار ووزارة الشئون البلدية والقروية ممثلة في بلدية أشيقر وكذلك شركة الكهرباء والمياه جهوداً لا تخفى على الجميع في تقديم الخدمات للبلدة القديمة مما ساهم في تنشيطها سياحياً.
أما بالنسبة لإعادة تأهيل وترميم البلدة القديمة بأشيقر فليس لي أي دور أو جهود تذكر، وإنما انحصرت جهودي في فكرة إنشاء دار التراث والتي أصبحت فيما بعد نواة لإعادة التأهيل والترميم من قبل الأهالي حتى أصبحت مدينة أشيقر نموذجاً ومثالاً احتذى به كثير من البلدان سواءً في الإقليم أو الأقاليم الأخرى.
وحدثنا اليوسف عن دار التراث في أشيقر فالكل (والكلام لليوسف) يعلم أن الطرقات هي أماكن جلوس الناس منذ القدم ولا تزال الطرقات أماكن للجلوس خصوصاً في القرى والأحياء الشعبية في المدن حتى يومنا هذا. ومدينة أشيقر من البلدان التي كانت الطرقات أماكن لجلوس الرجال وبعد انتقال الأهالي من المباني الطينية إلى المباني الخرسانية زمن الوفرة والطفرة في حدود عام 1400هـ وما قبله وبعده بثلاث سنوات انحصر الجلوس في حي الشمال بأشيقر القديمة وبالتحديد جوار مسجد الشمال تحت ساباط ابن مليك والساباط هو الطريق المسقوف ويعرف بالعامية (الصابوط) وكان الجلوس صيفاً. وكذلك الجلوس في ميدان المنيّخ شتاءً والسبب في جلوسهم في ذلك المكان مجاورته لمسجد الشمال الذي تقام فيه الصلوات الخمس بانتظام، وكان جلوسهم غالباً في إجازات نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية أيضاً حيث موسم نضوج الرطب غالباً. واستمروا كذلك حتى قرب عام 1419هـ وكنت أنا ضمن رواد هذا المجلس فاستحسنت البحث عن مكان بديلاً لهذا الطريق وعرضت الفكرة على عميد التراث الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله العامر فما كان منه إلا أن أيدها وبعد هذا التأييد بدأت مرحلة البحث عن المكان البديل والمناسب. فوقع الاختيار على المنازل الواقعة شمال المسجد مباشرة وكان الاختيار لعدة أسباب منها أولاً: أنها تقع على ثلاثة جهات وثانيها: سهولة الوصول إلى ملاكها أو الورثة. وثالثها: مساحتها التي تستوعب الهدف المنشود. ورابعها: عدم وجود عوائق تمنع وصول الزوار إليها وخصوصاً أوقات هطول الأمطار.
بعد اختيار الموقع تكثفت اجتماعاتي ومناقشاتي مع عميد التراث للبحث عن أشخاص ثقاة يحظون بالقبول فوقع الاختيار على الأستاذ إبراهيم المفدى والأستاذ حمد الحميد وتم توزيع المهام ليقوم كل واحد منهما بمفاوضة الملاك أو الورثة ممن تربطه بهم صلة قرابة أو علاقة حميمة وقد صار لي دور في مفاوضة غالبية الملاك حتى تم ولله الحمد والمنة امتلاك عدد (12) منزلاً في فترة زمنية قصيرة منها ما تم الحصول عليه بالشراء والغالبية من المنازل تم الحصول عليه بالتبرع من ملاكها جزاهم الله خيراً وجعلها في موازين حسناتهم والساعين على ذلك.
وبعدما تم الانتهاء من بناء الدار في حدود عام 1425هـ بدأت تستقبل الرواد في الإجازات الصيفية حتى عام 1428هـ حيث تفرغ للإشراف عليها الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله العامر بعدما أحيل على التقاعد من قطاع التعليم.فأصبحت تستقبل الزوار على فترتين صباحية ومسائية وهي مستمرة حتى يومنا هذا فللشيخ عبدالعزيز العامر الشكر والتقدير على قيامه بالإشراف على الدار دون مقابل إنما كان احتساباً للأجر. فلهذا الرجل على الدار فضل كبير ليس منكوراً وجزاه الله خيراً على عمله هذا، شعرنا بعد فترة قصيرة بالقبول المتزايد على الدار عند ذلك رأينا مستجدات في محبة الناس للبلدة القديمة بشكل لا يتصور فمنهم من فكر في ترميم منزله القديم وتم له ذلك واتسعت الدائرة إلى أبعد من ذلك حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن. فكان لهذه الدار الفضل الكبير والسبق العظيم بعد الله في تغيير الحياة السياحية في أشيقر إلى ما نراه الآن من سمعة إعلامية وصلت الآفاق حتى أصبحت أشيقر ولله الحمد والمنَّة ذات شهرة سياحية في المملكة العربية السعودية يشد لها الرحال حتى من خارج المملكة. والدار كما أسلفت قامت على التبرع بالمنازل وكذلك بالمال من أهل البلد الأوفياء وغيرهم. كما قام الباحث في مجال التراث الشعبي الأستاذ حمد بن عبدالعزيز الضويان بإقامة متحفه الخاص على جزء مخصص لهذا الغرض بالدار.
وفي ختام هذا الحوار مع اليوسف قال شاكراً أبناء الوطن الذين وقفوا مع هذه الفكرة الوطينة لارائدة: لا يسعني في نهاية المطاف إلا أن أقدم شكري وعرفاني نيابة عن الأهالي لهؤلاء الناس الذين وقفوا معنا والشكر موصول كذلك للجهات المسؤولة في قطاعات الدولة كذلك الشكر موصول للشيخ صالح بن عبدالرحمن الرزيزاء العنقري على تخصيص جزء من وقته للإرشاد السياحي للدار والقرية التراثية. والشيخ صالح له جهود يشكر عليها حيث رسم بيده من واقع معايشته وحسه للبلدة القديمة خريطة توضح معالم هذه البلدة أشيقر من حيث الأسوار والقلاع والأبواب والبساتين والآبار والطرقات وقام بتعليقها بالدار وقد رأيتها خارطة يعتمد عليها في النقل جعلها الله في موازين حسناته. كذلك الشكر موصول للمهندس عبدالرحمن بن عثمان الحصيني رحمه الله الذي له إسهامات وإرشادات توضيحية للمسؤولين وكبار الزوار عندما يأتون إلى البلدة القديمة، حيث يتم استدعاؤه إذا لزم الأمر وذلك لكونه ملماً بفن العمارة وهي دراسته ورسالته رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه جنته وجميع المسلمين. وكذلك الشكر موصول للمهندس إبراهيم بن عبدالرحمن الخراشي على جهوده في تصميم مخطط الدار وفي تزويد الدار بلوحات ضوئية عن وقفي صبيح وصقر بن قطام وكذلك لوحات فوتوغرافية توثيقية لبلدة أشيقر.
كلمة أخيرة أحب توضيحها بالنسبة لدار التراث وهي أنه سيتم إن شاء الله إخراج كتاب خاص يتحدث عنها منذ فكرة إنشائها وحتى افتتاحها للزوار وما صاحب ذلك من جهود ومواقف تستحق النشر والتدوين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى