إضغط هنا لتنتقل 

مقالات

ورحل الأستاذ المربي عبدالعزيز بن محمد الفريح (أبو أحمد)

بقلم: عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف

لوْ كانَ يخلدُ بالفضائلِ فاضلٌ

وُصِلَتْ لَكَ الآجَالُ بِالآجَالِ

فقد غاب عن الحياة الدنيا إلى الدار الآخرة الأستاذ المربي عبدالعزيز بن محمد الفريح يوم الخميس 13-7-1442هـ بعد أن استوفى نصيبه من أيام الدنيا، فأديت صلاة الميت عليه بعد عصر يوم الجمعة 14-7-1442هـ، ثم ووري جثمانه الطاهر بمقبرة حي النسيم بالرياض، في أجواء حزن عميق وأسى شمل إخوته وأبناءه البررة وزملاءه وعددًا من طلابه الأوفياء، وأقاربه ومحبيه.. داعين المولى له بالرحمة، وطيب الإقامة في جدثه إلى يوم نهوض جميع الخلائق من مضاجعهم ليوم الحساب، ثم انصرفوا مودعين له، وبهم ما بهم من لوعات الفراق الأبدي.. كان الله في عونهم.

وكان مولد الأستاذ الفاضل عبدالعزيز عام 1348هـ في بلدة (أُشيقر) بمنطقة الوشم، ونشأ فيها بين إخوته وأخواته في تآلف ومرح، وختم القرآن الكريم في أحد الكتّاب هناك لدى المقرئ (المطوع)، ثم انتقل إلى الرياض حيث كان والده إمامًا بإدارة الشرطة آنذاك، والتحق بمدرسة دار الأيتام الابتدائية أُولى المدارس في منطقة الرياض (المدرسة السعودية بالمربع) التي أمر جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بتأسيسها وافتتاحها؛ فأكمل المرحلة الابتدائية بها، وكان من المتفوقين النابهين بها، حيث تولى إلقاء الكلمات الصباحية (بالطابور الصباحي) أمام زملائه الطلاب ومعلميه بكل طلاقة وحيوية، كما كان محبًا للقراءة وتسريح نظره في بطون الكتب، مما كون لديه ملكة التعبير والمنطق الجميل، والخطابة في الاحتفالات السنوية بالمدرسة التي كان يشرفها الملك عبدالعزيز والملك سعود والملك فيصل -رحمهم الله- تشجيعًا لأولئك الطلاب. وله موقف جميل مع الملك سعود حين حضر حفلًا للمدرسة، فارتجلَ قصيده أمام جلالته:

يا ليله من ليال العمر خالدة

فيها سعود تجلى وسط نادينا

طابت النفس باللقيا وحق لنا

أن نرفع الرأس دومًا وسط وادينا

فأعجب الملك سعود بها، وقال له: أعد أعد.. ثم بعد ذلك قبّل رأسه داعيًا له بالصلاح والفلاح:

يتزين النادي بحسن حديثهم

كتزين الهالات بالأقمار

وقد حصل على كفاءة المعلمين، ودورات تربوية، وأخرى في اللغة الإنجليزية، لعلمه بأهمية حفظ اللغات ليسهل التواصل والتفاهم مع الغير إذا لزم الأمر:

بقدْرِ لغاتِ المرءِ يكثُرُ نفعُه

وتلك له عند الشدائد أعوانُ

فبادرْ إلى حفظِ اللغات مسارعاً

فكلُّ لسانٍ في الحقيقة إنسانُ

وبعد اجتيازه مرحلة الدراسة عمل الأستاذ عبدالعزيز في مكتب مدير الشرطة لمدة أربع سنوات، ومن ثم عمل مدرساً في مدرسة دخنة والمحمدية والمنصورية، ومديرًا لمدرسة جبره الابتدائية عام 1375هـ، ثم انتقل لعدد من المدارس مديرًا لها إلى أن انتهى به المطاف مديرًا للمتوسطة النموذجية بالملز، وكان يُستعان به لحذقه وكفاءته في لجان التعاقد لجلب المعلمين من العراق والشام ومصر، كما شارك في تأليف عدد كثير من المناهج الدراسية، خاصة مواد الرياضيات للمرحلة الابتدائية؛ فهو من الرعيل الأول الذين لهم إسهامات في بداية التعليم النظامي في مملكتنا الحبيبة على قلوبنا. ولقد أقيم حفل كبيرٌ تكريمًا له ووفاءً في المدرسة المتوسطة النموذجية بالملز، فقد كان أول مدير لها، ووفاءً له من أبنائه وزملائه وكبار طلابه الذين تسنموا مناصب عالية في الدولة – أعزها المولى بالطاعة ودوام التوفيق – ولسان الحال يردد هذا البيت:

قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا

وانفح هامه طيبًا وتقبيلا

فأبو أحمد يستحق كل الشكر والتقدير، وقد أخلد للراحة متقاعدًا عام 1408هـ حميدة أيامه ولياليه، تاركًا إرثًا طيبًا وذكرًا حسنًا:

وإنما المرء حديث بعده

فكن حديثَا حسنًا لمن وعى

تغمد الله الفقيد بواسع رحمته، وألهم أبناءه وبناته وإخوته وأسرة الفريح والجماز الصبر والسلوان.

** **

– عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى